مفوض حقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات «تصل مستوى الجرائم الدولية» في كوريا الشمالية
مفوض حقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات «تصل مستوى الجرائم الدولية» في كوريا الشمالية
تقع المسؤولية الرئيسية عن المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي قد يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم الدولية، على عاتق كوريا الشمالية، ومع ذلك ونظرا لخطورة الانتهاكات وحجمها وجسامتها وعدم قدرة الدولة أو عدم رغبتها في تنفيذ المساءلة، أوصت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في حقوق الإنسان في كوريا الشمالية بأمور منها إحالة مجلس الأمن الحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة دولية.
جاء ذلك في تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك حول تعزيز المساءلة في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل فعالياتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
ويسلط التقرير الذي يغطي الفترة من 1 نوفمبر 2022 وحتى 31 أكتوبر 2024 الضوء على التقدم المحرز والتحديات القائمة على ضوء المعايير القانونية الدولية ذات الصلة المعلومات التي جمعتها المفوضية السامية عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
وأجرت المفوضية منذ إنشاء هيكلها الميداني في سيئول مئات المقابلات مع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في جمهورية كوريا الشمالية، وتغطي سجلات المقابلات المخزنة في مستودع المفوضية حالة 1018 من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، التي قد يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم الدولية. وتمثل النساء نحو 55 في المئة من الضحايا المحددين.
وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، حللت المفوضية أنماط الانتهاكات المتعلقة بالحق في حرية التعبير والحق في الغذاء، وتشمل أنماط الانتهاكات التي حددت سابقاً السجن والتعذيب والاسترقاق وغيرها من الأعمال اللاإنسانية والاختفاء القسري والاختطاف والعمل القسري في الخارج والاتجار بالبشر.
وعبّر تورك عن قلق بالغ إزاء القيود الشديدة المفروضة على الوصول إلى المعلومات وقمع حرية التعبير في كوريا الشمالية، وأعمال المراقبة الجائرة والاعتقالات والاحتجازات التعسفية لخنق حرية التعبير التي تضطلع بها وزارة الضمان الاجتماعي ووزارة أمن الدولة.
وتعزيزا للقيود المفروضة على حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، سنّت قوانين عديدة بين عامي 2020 و2023 لتشديد الرقابة والمراقبة، وكذلك لفرض عقوبات أكثر صرامة على المخالفات.
وحدد الضحايا الذين شملتهم المشاورات طائفة متنوعة من الأولويات في ما يتعلق بالمساءلة استناداً إلى مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي عانوا منها، وكذا مشكلات أخرى مثل الوصم والتمييز في أماكن إقامتهم الحالية.
وأكد ضحايا التعذيب والاتجار بالبشر والعنف الجنساني، بما فيه العنف الجنسي، والسجناء السابقون في معسكرات الاعتقال السياسي أو غيرها من مرافق الاحتجاز، أهمية تلقيهم الدعم النفسي لمساعدتهم على علاج الصدمة النفسية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتجاوزها، وأكدوا ضرورة وجود مرشدين نفسيين يتفهمون وضع الفارين تفهما كاملا وضرورة توعية الفارين الذين تكون لديهم ربما نظرة سلبية إلى الرعاية النفسية.
ودعا المفوض السامي في تقريره، إلى اتباع نهج شامل إزاء المساءلة، إذ تشكل الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار عناصر مترابطة ومتكاملة في أي جهد شامل للمساءلة.
وقال إن المشاورات التي أجرتها المفوضية سلطت الضوء على ضرورة أن تشمل الجهود المبذولة مجموعة كاملة من آليات المساءلة القضائية وغير القضائية، كما أن المساءلة يجب أن تكون مركزة على الضحايا ومتعددة الأوجه، وأن الجهود يجب أن تبدأ الآن.
وعلى الرغم من عدم إمكانية الوصول إلى كوريا الشمالية، فإن عمل المفوضية في مجال حقوق الإنسان معروف على ما يبدو في البلد، وأبلغت مصادر المفوضية أن الجهات الأمنية تلقت بعض التدريب في مجال حقوق الإنسان وأن معاملة الأشخاص المحتجزين تحسنت قليلا، وذلك بسبب التدقيق الدولي كما أفادت التقارير.
وطالب المفوض السامي لحقوق الإنسان حكومة كوريا الشمالية، بإعلان وقف اختياري فوري لاستخدام عقوبة الإعدام، يعقبه في أقرب فرصة ممكنة إلغاؤها، وضمان عدم فرضها، إلى حين إلغائها، إلا على أشد الجرائم خطورة، التي تُعرَّف بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بأنها جرائم بالغة الخطورة تنطوي على القتل العمد، وبطريقة تتفق مع باقي متطلبات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
كما طالب بضمان أن تمتثل أي نظم مراقبة قائمة امتثالا كاملا لمعايير حقوق الإنسان المتمثلة في المشروعية والضرورة والتناسب وشرعية الأهداف المنشودة، وأن تتجنب استخدامها كأدوات للقمع السياسي، وأن تكفل خضوعها للمراجعة القضائية الفعالة.